أخبار العملات الرقميةالعملات الرقمية

القصة الكاملة لأكبر عملية سرقة في تاريخ العملات الرقمية

القصة الكاملة لأكبر عملية سرقة في تاريخ العملات الرقمية

 تقني نت – قصة سرقة العملات الرقمية قصة جديدة نسمع بها. إذ لم نعتد سابقاً على هذا النوع من القصص. ولعلك قد سمعت او قرأت عن الموضوع من مكان أو آخر. لكن في هذا المقال سنعرض القصة من بدايتها حتى النهاية، وسنغطي كافة التفاصيل.

قصة سرقة العملات الرقمية

مر عالم العملات الرقمية بأحداث غامضة ومثيرة في الأسبوع الماضي. حيث أنه تم سرقة ما قيمته 600 مليون دولار. لعل القصة تكون درامية وأقرب الى عالم السينما منها الى العالم الواقعي، إنها القصة التقليدية للسطو على البنوك لكن بإطار عصري حديث.

لعل العملات الرقمية ستكون الوحيدة التي تشهد هكذا سيناريو. ففي عمليات سرقة البنوك التقليدية على سبيل المثال، يحتاج الناس العاديون الى متابعة الأخبار التي تنقل اليهم من المراسلين الموجودين في المكان والتقارير الصادرة عن الشرطة حتى يتمكنوا من معرفة تطورات الحدث. أما في حالتنا هذه، فبإمكانك حتى متابعة المحادثات الجارية بين السارق والمسروق بشكل مباشر من شاشة هاتفك الذكي وكأنك شاهد عيان على ما يجري.

بدأت القصة يوم الثلاثاء بعد الظهر. حيث أعلنت شبكة لم تكن مشهورة بشكل كبير قبل هذه الحادثة وتدعى Poly Network (وهو مشروع يهدف الى الربط بين عدة شبكات بلوكشين وتسهيل عمليات التحويل بين الأشخاص) أن الآلاف من العملات الرقمية قد تمت سرقتها.

على ما يبدو، فإن أحد المخترقين قد إستطاع إستغلال ثغرة ما ضمن الكودات البرمجية لـPoly Network. مما مكنه من سرقة العديد من العملات الرقمية. وتم تقدير المبلغ المسروق بما قيمته تزيد عن 610 مليون دولار.

قامت Poly Network بالطلب من منصات التداول المختلفة ومن معدني العملات الرقمية، الذين يقومون بمعالجة طلبات التحويل ضمن شبكة العملات الرقمية، أن يتدخلوا في الموضوع لإيقاف السارق ومنعه من تحويل الأموال المسروقة مرات ومرات عديدة بحيث يصعب تقفي أثرها بعد ذلك.

إستجابت العديد من المنصات لهذا الطلب. حيث صرحت منصة Tether، وهي منصة هادفة بشكل رئيسي الى تحويل العملات من الشكل الرقمي الى الشكل التقليدي وبالعكس، أنها قد قامت بتجميد ما قيمته 33 مليون دولار من عمليات التحويل في الوقت الراهن. أيضا قامت العديد من المنصات الأخرى بإطلاق الوعود بأنها ستفعل ما تستطيع للمساعدة. مثل منصة بينانس الشهيرة Binance ومنصة OKEx.

إعادة النقود

قام العديد من خبراء الأمن السيبرالي بالتدخل في القضية. وبعد جمع الأدلة والتحقيق في الموضوع، قامت مجموعة أمنية مختصة بأمن المعلومات تدعى Slowmist بالتصريح بأنها قد إستطاعت جمع معلومات كافية لكشف هوية المخترق الحقيقية. منها عنوان بريده الإلكتروني وعنوان IP الخاص به على الإنترنت.

تلا ذلك مباشرة إعلان المخترق إستسلامه. حيث رفع الراية البيضاء وبدأ فوراً بإعادة المبلغ بشكل تدريجي، حيث أنه أعاد في البداية 1000 دولار ثم 10000 دولار ثم مليون دولار.

كان المخترق يستعمل تقنية Blockchain نفسها كوسيلة للتواصل مع Poly Network. وهي تقنية مكشوفة للجميع. مما مكن كافة الأطراف من مشاهدة الحديث الذي دار بين السارق وبين الضحية. فقد أعلن المخترق استسلامه عن طريق إصدار عملة تحمل اسم “المخترق يرفع الراية البيضاء ويستسلم”.

بدأ المخترق بإعادة النقود بشكل تدريجي الى Poly Network. فقد تم استعادة ما يقارب 342 مليون دولار حتى الآن. وبقية المبلغ على ما يبدو سيعود أيضا قريباً جداً.

لم يتم الكشف بعد عن الهوية الحقيقة للمخترق. إضافة الى أن نواياه الحقيقية لا تزال غامضة بعض الشيء. فقد قال المخترق أنه “ليس مهتماً بالمال”. وأنه قد قام بهذه العملية “لأجل المتعة”. ولأنه يريد الكشف عن الأخطاء البرمجية التي ارتكبتها Poly Network قبل أن يستغلها أحد آخر. وأن نيته كانت منذ البداية إعادة المبلغ كاملاً. أي أن ما قام به مجرد أستعراض فحسب حسب وصفه.

رد فعل Poly Network على قصة سرقة العملات

أما Poly Network فقد أطلقت على المخترق “القبعة البيضاء”. وهو تعبير مستخدم في عالم الأمن الرقمي. يرمز الى المخترقين الأخلاقيين، الذين يقومون بمراجعة الكودات البرمجية وكشف الأخطاء والثغرات فيها لمنع استغلالها بشكل سيئ.

صرحت Poly Network أنها ستترك للمخترق مبلغ نصف مليون دولار كمكافأة في حال إعادته لكامل المبلغ المسروق. وقد اعتبرت Poly Network المبلغ المتروك وكأنه أجرة المخترق الأخلاقي الذي كشف لهم الثغرات المحتملة في كوداتهم. إضافة الى أنها أكدت أنها لن تحاول محاسبة المخترق بأي شكل من الأشكال.

هذا التصرف أثار جدلاً واسعاً حول ما إذا كان من الصحيح ترك جزء من الأموال المسروقة للسارق مقابل إعادته جزء آخر. حيث أن هذا التصرف قد يشجع الكثير من المجرمين الرقميين على السرقة ثم التملص من أفعالهم والحصول على أرباح كبيرة بهذا الشكل.

من الطبيعي مكافأة مكتشفي الثغرات، او المخترقين الأخلاقيين، بمبالغ مالية كبيرة. ولكن ليس بهذا السيناريو. حيث عبر أحد الخبراء الأمنيين عن استيائه مما جرى. وقال:

الإختراق الأخلاقي عبارة عن تنقيح للكودات البرمجية، ويتضمن العمل ضمن فريق، ورفع تقارير مفصلة عن الثغرات والأخطاء المحتملة التي تم إيجادها، وليس العبث بالأنظمة والإستعراض والتباهي والقيام بأكثر مما ينبغي القيام به لكشف الخطر”

وصرح آخر أنه ليس من المنطقي ان يكون لشركة خاصة الصلاحية لمنح المجرم الحصانة من الملاحقة والحساب. فلا يجب السماح للمجرمين أن يفلتوا من العقاب بهذه السهولة.

أين الجهات الأمنية الرسمية؟

أحد العوامل الإضافية التي تميز القصة وتضفي الكثير من الدرامية للأحداث هو عدم تدخل أي جهة أمنية في الموضوع أبداً. حيث بقيت الجهات الأمنية حيادية دون إطلاق أي تصاريح او القيام بأي حركة.

هددت Poly Network المخترق بأنها ستلجأ للشرطة، لكنها أمهلت المخترق فترة زمنية للتوصل الى حل فيما بينهما. وهو ما حدث فعلاً في النهاية.

إضافة الى رفض وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفدرالي الإدلاء بأي تصريح.

هذا كله يعد شيئاً مهماً جداً في عالم العملات الرقمية. فالعملات الرقمية مبينة بشكل أساسي على مبدأ اللامركزية والشفافية المطلقة. حيث يمكن للجميع مشاهدة كل عملية تحويل تحدث ضمن الشبكة بشكل دائم، وهو شيء غير موجود في العملات التقليدية المركزية. وهذا الحدث بالتحديد سلط الضوء بشكل كبير على هذه الميزة وأهميتها.

تظهر لنا هذه الحادثة، أنه مع غياب السلطة المركزية، وغياب التشريعات والقوانين التي تحكم نظام العملات الرقمية. يبدو أن النظام يحكم نفسه بحد ذاته، ويسعى دائما للإستقرار والتوازن. وذلك بغيات تدخل الشرطة او أي سلطات خارجية أخرى. وهذه خطوة مهمة يتخذها النظام المالي للعملات الرقمية بإتجاه النضج والإستقرار.

لكن هناك وجهة نظر أخرى يجب النظر اليها. ففي عالم العملات التقليدية، عندما يتم الإمساك بمجرم دائماً ما يكون هناك عواقب لفعلته. كيف يجب الرد على الجرائم الرقمية ضمن عالم العملات الرقمية في المستقبل؟ هل يجب تسليمهم للسلطات والجهات الأمنية؟ مع العلم أن عالم العملات الرقمية بني أساساً لإستبدال هذه السلطات. أم أنه يجب على المضطهد أن يستعيد حقه بنفسه؟ هل من الأفضل أن تتم مقاضاة المجرمين بشكل علني أمام الجميع مثلا؟ ثم انتظار إصدار حكم جماعي؟ وكيف نرسم الحد بين شخص يمارس الإجرام وشخص يختبر الفرص والثغرات التي يجدها في النظام؟

إقرأ أيضا:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى